إعداد: مركز مقاربة للدراسات الإعلامية والاستشارية
لقراءة التقرير كاملا هنا
مقدمة
في اليوم السابع والأربعين من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، كشف موقع “أكسيوس” وصحيفة “جيروزاليم بوست” بأن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجري محادثات مباشرة وغير مسبوقة مع حركة حماس، بهدف التفاوض على إطلاق سراح المحتجزين الأميركيين في غزة والتوصل إلى اتفاق أوسع لإنهاء الحرب. كما كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن المفاوضات الأولى جرت في فبراير/شباط الماضي في الدوحة، حيث التقى المفاوض الأميركي آدم بولر بممثلين عن الحركة، مطالبًا بالإفراج عن الأسرى الأميركيين، وقد استجابت حماس بإطلاق سراح الإسرائيلي الأميركي ساغي ديكل تشين.
يسعى هذا التقرير التحليلي إلى قراءة المشهد الإعلامي لهذه الاتصالات والإجابة عن السؤال: كيف تفاعل الفلسطينيون عبر المنصات الرقمية مع أنباء الاتصال بين حركة حماس والإدارة الأمريكية بقيادة ترمب؟
تعليقات الجمهور
تعد تعليقات الجمهور الفلسطيني على المفاوضات المباشرة بين حركة حماس والإدارة الأمريكية مرآة تعكس تنوع المواقف والاتجاهات تجاه هذا الحدث غير المسبوق. فقد تباينت ردود الأفعال بين من يراه انتصارًا سياسياً لحماس، ومن يشكك في نوايا واشنطن، ومن يراه مجرد خطوة تكتيكية تخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية. كما لم تخلُ التعليقات من الإشادة بالمقاومة الفلسطينية، والسخرية من مواقف بعض الأطراف، والدعاء ضد الولايات المتحدة وحلفائها. وفي الجدول التالي، تم تصنيف بعض هذه التعليقات إلى فئات رئيسية تبرز المحاور المختلفة التي تناولها الجمهور في تفاعله مع هذه القضية.
| التصنيف | التعليقات |
| التفسير السياسي للمفاوضات | “ماذا يعني أن تفاوض واشنطن بشكل مباشر الأخضر؟ يعني أنها تعترف بالمنظمة الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.” “لا .. إن هذا لا يعني بتاتًا أن واشنطن تعترف بأحد، ما عدا سعيها إلى تحقيق التوسع الصهيوني.” “أمريكا تجالس الأقوياء كما جالست طالبان مجبرة…. نتائج طوفان الأقصى.” “الموضوع ليس موضوع حماس بقدر ما هو فرض إرادة حقيقية للشعب والقضية بشكل عام.” |
| الإشادة بالمقاومة الفلسطينية | “وحدهم عبروا، وحدهم اشتبكوا، وحدهم أسروا، وحدهم قاتلوا، وحدهم صمدوا، وحدهم ماتوا، وحدهم أخضعوا العالم كله لشروطهم.” “رضي الله عن غزة وأهلها ومقاومتها وأدامهم فخرًا وشرفًا وعزة لهذه الأمة النائمة.” “وما زلت تنتصر أيها الأخضر إذا حسبوها صح فسوف يربحون.” |
| التشكيك في نوايا واشنطن وترامب | “ترامب: نحن نتحدث مع حماس لكن لا نعطيهم أموالًا.” “هههههههههههه برمي حكي ع نتنياهو وقطر.” “مهو ترشيحه للرئاسة كلف مئة مليار وكلهم دفعوه الصهاينة، فا أكيد راح يجعجع كتير مقابل ترشيحه.” |
| السخرية من المفاوضات | “رح تنجح بس خلينا نفتح مشروع أدوية ضغط وجلطات وأسبرين عشان الختايرة اللي عنا، خطيّ بلاش يفقعو.” ” والله يا عامر، ما حد بعبر الجهة الضعيفة، فقط الأقوياء اللي يتم التفاوض معهم!” “تخيلوا تنجح حماس في التفاوض مثلًا!” |
| الدعاء على أمريكا وحلفائها | “اللهم لا يأتي يوم غد إلا وترامب وأعوانه في توابيت يا الله.” “اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك.” “ربي يهلكك هلك العزيز المقتدر.” “اللهم انتقم من الكفرة الفجرة القتلة، حسبنا الله ونعم الوكيل.” |
| الإدانة لمن يرفض دعم غزة | “حسبنا الله ونعم الوكيل فيهم الصامتين المتخاذلين عن ما يحدث في غزة وفلسطين.” “النفير النفير، إن لم تقم الأمة في هذه الأيام مع غزة، شرف الأمة، فلن تقوم لها قائمة.” |
| الردود على تهديدات ترامب | “هو انت قد الأحرار، قد الغزاوية؟ عجوز مجنون.” “إذا ماتوا، ماتوا شهداء وأحرار، ومصيرهم الجنة، تهديدك لن يخيفهم.” “والله لو تأذن ما راح يطلعون.” “هو هايصلي ولا إيه؟ اصبر شويه، حماس هاتخليك تأسلم!” |
| انتقاد حماس | “حماس كانت ترفض سابقًا أي تواصل مع أمريكا، والآن تجلس مع المسؤولين الأمريكيين وكأنهم أصدقاء، هذا تنازل عن مواقفها السابقة!” “أليس من العجيب أن حماس التي طالما حاربت التفاوض مع الاحتلال، تقبل الآن التفاوض مع أكبر داعميه؟” |
توجهات الجمهور الفلسطيني
تتعدد أوجه قراءة توجهات الجمهور الفلسطيني حول مسألة المفاوضات بين حركة حماس والإدارة الأمريكية، حيث تعكس التعليقات رؤى متباينة تنبع من تجارب سياسية، وأيديولوجية، وعاطفية مختلفة، تعكس الواقع السياسي والعاطفي للجمهور تجاه المفاوضات، يمكن تحليل هذه التعليقات وفقًا لعدة محاور رئيسية:
- الموقف من المفاوضات:
هناك انقسام واضح بين من يرى في هذه المفاوضات اعترافًا أمريكيًا ضمنيًا بحماس كممثل شرعي، ومن يعتبرها مجرد تكتيك أمريكي لتحقيق مصالح واشنطن وإسرائيل:
- رؤية إيجابية: البعض يرى أن هذه الخطوة تعني “اعترافًا غير مباشر” بحماس كطرف قوي ومؤثر على الأرض، وهو ما يعتبر تحولًا في الموقف الأمريكي، خاصة بعد أن كانت واشنطن ترفض تمامًا التعامل مع الحركة.
- مثال تعليق: “ماذا يعني أن تفاوض واشنطن بشكل مباشر الأخضر؟ يعني أنها تعترف بالمنظمة الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.”
- رؤية متشككة وساخرة: فريق آخر يعتبر أن واشنطن تستخدم هذه المفاوضات للضغط على حماس أو لاستدراجها نحو تنازلات، مستشهدين بتجارب سابقة مثل تعامل أمريكا مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
- مثال تعليق: “لا .. إن هذا لا يعني بتاتًا أن واشنطن تعترف بأحد، ما عدا سعيها إلى تحقيق التوسع الصهيوني.”
في المقابل تتوزع المواقف بين من يرى المفاوضات خطوة ضرورية أملتها ظروف الواقع وبين من يراها خيانة أو تنازلاً عن الثوابت:
- هناك من يرى أن المفاوضات جاءت بعد صمود المقاومة، وبالتالي فهي ليست خضوعًا وإنما انتصار سياسي كما حصل مع طالبان أو فيتنام:
“هل الثورة الفيتنامية التي انتصرت والتي اجتمع ممثلوها للتفاوض مع الأمريكيين كانت خيانة؟“
- كما يرى آخرون أن المفاوضات ما هي إلا محاولة أمريكية لاحتواء حماس وترويضها، بحيث تصبح شبيهة بالأنظمة التي تدور في الفلك الأمريكي:
“حماس ستقدم أي شيء للإدارة الأمريكية بمقابل البقاء في المشهد والحكم في غزة…”
- البعض يرى أن التفاوض نفسه ليس عيبًا، ولكن المخاوف تأتي من استغلال أمريكا للحوار لتحقيق أهدافها على حساب المقاومة:
“على الحركة أن تستغل كل كبيرة وصغيرة في هذا اللقاء الأول من نوعه، استغلاله بكل الطرق.”
- الإشادة بالمقاومة الفلسطينية مقابل التقليل من دور السلطة
من الواضح أن هناك تعليقات كثيرة تمجد صمود غزة والمقاومة وتنتقد السلطة الفلسطينية بوصفها عاجزة أو متخاذلة.
- التعليقات التي تتحدث عن “وحدهم عبروا، وحدهم قاتلوا، وحدهم أخضعوا العالم” تظهر تفضيلًا واضحًا لنهج المقاومة واعتبارها هي الممثل الفعلي للفلسطينيين، وليس السلطة الفلسطينية التي يُنظر إليها على أنها فقدت شرعيتها.
- هناك انتقادات لاذعة موجهة للسلطة ومنظمة التحرير، حيث تم وصفها بألفاظ ساخرة مثل “الممثل الشرجي” بدلًا من “الشرعي”.
- هناك شعور بأن أمريكا لا تتفاوض إلا مع القوي، واستُشهد بذلك بأمثلة من التاريخ مثل طالبان وفيتنام:
“أمريكا لا تعترف ولا تفاوض إلا القوي، فعندما قررت إنهاء الحرب في أفغانستان لم تفاوض كرزاي بل فاوضت طالبان.”
- البعض يرى أن ترامب اضطر للتراجع والتفاوض مع حماس بعد أن فشل في فرض حل عسكري عليها:
“الحركة تجبر ترامب على النزول عن الشجرة للتفاوض على أساس أن إطلاق سراح الرهائن لا يكون بالحرب والضغط العسكري بل بالتفاوض.”
- هناك احتفاء بأن المقاومة تمكنت من إذلال أمريكا سياسيًا، كما أذلتها عسكريًا:
“الحركة جابت ترامب، رئيس أقوى دولة بالعالم، جابتو كتاف وزلتو، ولعنت أبوه.”
هذا الخطاب يعكس التحول الكبير في المزاج الشعبي، حيث لم يعد يُنظر إلى المسار التفاوضي التقليدي كطريق فعال لاستعادة الحقوق الفلسطينية، بل يُنظر إليه كمسار فاشل مقارنة بالمقاومة المسلحة.
- التشكيك في ترامب والإدارة الأمريكية
يتكرر في التعليقات التشكيك في نوايا واشنطن، خاصة أن ترامب معروف بمواقفه المؤيدة لإسرائيل، ولذلك جاءت بعض التعليقات ساخرة من إعلانه عن التفاوض مع حماس:
- ” يرى البعض أن أمريكا تحاول تكرار سيناريو طالبان، بإدخال حماس إلى المشهد السياسي تمهيدًا لتحجيمها لاحقًا:
“هذا أبعاد الحركة عن المشهد السياسي والعسكري وتجهيزها لما بعد عقدين من الآن وتسليمها زمام الحكم تحت وصاية أمريكية مثل طالبان.”
- هناك أيضًا اعتقاد بأن إسرائيل قد تكون دفعت أمريكا إلى فتح الحوار مع حماس لضمان مصالحها الاستراتيجية:
“الأيام حبلى وربما هناك جهات إسرائيلية حثت إدارة ترامب على هذه الخطوة.”
- البعض يرى أن المفاوضات جزء من مخطط أمريكي إسرائيلي لتقسيم القضية الفلسطينية وتصفية المقاومة تدريجيًا:
“وجود حماس وفصل القطاع هي مصلحة إسرائيلية.” “ترامب: نحن نتحدث مع حماس لكن لا نعطيهم أموالًا.” “هههههههه برمي حكي ع نتنياهو وقطر.” “مهو ترشيحه للرئاسة كلف مئة مليار وكلهم دفعوه الصهاينة، فا أكيد راح يجعجع كتير مقابل ترشيحه.”
يرى الجمهور أن ترامب شخصية انتهازية لا يمكن الثقة بها، وهو ما يعكس عدم تصديق الخطاب السياسي الأمريكي. كما أن هناك شعورًا عامًا بأن أمريكا تتلاعب بجميع الأطراف، ولا تتعامل مع الفلسطينيين بندية.
- السخرية من احتمالية نجاح المفاوضات
- الكثير من التعليقات تعبر عن سخرية من فكرة أن تنجح حماس في فرض شروطها على أمريكا، وذلك باستخدام لغة تهكمية:
“رح تنجح بس خلينا نفتح مشروع أدوية ضغط وجلطات وأسبرين عشان الختايرة اللي عنا، خطيّ بلاش يفقعو.” “والله يا عامر، ما حد بعبر الجهة الضعيفة، فقط الأقوياء اللي يتم التفاوض معهم!”
المزاج الشعبي العام تجاه السياسة الأمريكية يتسم بالسخرية وعدم الثقة، حيث جاءت تعليقات ساخرة حول اضطرار ترامب للتفاوض مع حماس:
- تصوير ترامب وكأنه خاضع للمقاومة بعد أن فشل في تهديدها عسكريًا:
“الكل خضع لترامب، وترامب يخضع لحماس!”
- التهكم على تناقض الموقف الأمريكي الذي يصنف حماس إرهابية ثم يفاوضها:
“الحركة اللي بيسموها حركة إرهابية، أمريكا تتحدث معها… تخيل لو كانت دولة، كان العالم يترعب منها!”
- السخرية من أمريكا التي كانت تهدد “بأبواب الجحيم”، ثم اضطرت إلى التفاوض:
“سوف نفتح أبواب جهنم… فتح أبواب المصافحة!”
هذا النوع من التعليقات يعكس الانقسام في الرأي العام، حيث يرى البعض أن التفاوض المباشر مع أمريكا قد يكون نجاحًا لحماس، بينما يراها آخرون مجرد وهم أو خدعة أمريكية، ويعبرون عن ذلك بالسخرية.
- البعد الديني والدعوات على أمريكا
- تعكس التعليقات التي تدعو على ترامب وأمريكا وتأخذ طابعًا دينيًا حالة الغضب الشعبي والإحباط من الوضع الحالي:
“اللهم لا يأتي يوم غد إلا وترامب وأعوانه في توابيت يا الله.” “اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك.” “الله يجيبلك جلطة تشلك وتبقى حي وما اتموتش تبقى تتعذب.”
- لا يمكن تجاهل اللغة العاطفية والدينية التي ظهرت في كثير من التعليقات، والتي تعكس ارتباط القضية الفلسطينية بالمعتقدات الدينية:
- الدعاء بنصرة المقاومة والتأكيد على أن الحق معها:
“اللهم اجعل كلمتهم هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى.”
- التذكير بأن الصراع ليس مجرد صراع سياسي، بل هو مواجهة بين الإسلام والغرب:
“الحرب هي الآن بين الإسلام والغرب بقيادة أمريكا، وما تم سابقًا كان عبر الوكلاء.”
تأتي هذه التعليقات من جمهور يرى أن أمريكا جزء من المشكلة، وليست طرفًا يمكن الوثوق به في أي حل سياسي، وهي تعبير عن غضب مكبوت تجاه الدور الأمريكي المنحاز لإسرائيل.
- مهاجمة الموقف العربي الرسمي والمتخاذلين
هناك تعليقات تنتقد الصمت العربي على هذه التطورات أو تصف الأنظمة العربية بالخيانة:
“حسبنا الله ونعم الوكيل فيهم الصامتين المتخاذلين عن ما يحدث في غزة وفلسطين.”
“النفير النفير، إن لم تقم الأمة في هذه الأيام مع غزة، شرف الأمة، فلن تقوم لها قائمة.”
تعكس هذه التعليقات الغضب من موقف الدول العربية، حيث يشعر البعض أن الأنظمة العربية لا تمارس أي ضغط لدعم الفلسطينيين، بل تتماهى مع الموقف الأمريكي والإسرائيلي.
- التهديدات والردود على تهديدات ترامب
بعض التعليقات جاءت ردًا على التهديدات الأمريكية ضد المقاومة:
“إذا ماتوا، ماتوا شهداء وأحرار، ومصيرهم الجنة، تهديدك لن يخيفهم.”
“هو هايصلي ولا إيه؟ اصبر شويه، حماس هاتخليك تأسلم!”
يعكس هذا الثقة في صمود المقاومة وعدم الخوف من التصعيد، بل هناك نوع من التحدي والاعتزاز بالمواجهة مع أمريكا كما حدث في أفغانستان مع طالبان.
- تأثير المفاوضات على المشهد الدولي
ركز البعض على الأثر الدولي للمفاوضات، ورأى أنها قد تؤدي إلى شرعنة حماس عالميًا:
- إزالة الحظر الدولي على حماس وفتح قنوات تواصل معها في أوروبا والغرب:
“هذا الخبر سيزيل جدارًا كان يمنع إجراء اتصالات مع حماس عالميًا، في أوروبا وآسيا والغرب عمومًا.”
- الإشارة إلى كيف يمكن أن يؤثر ذلك على الموقف العربي، خاصة الدول التي ترفض التعامل مع حماس:
“كنت أحب أن أرى وجه ابن سلمان أو ابن زايد بعد انتشار هذا الخبر.”
- موقف السلطة الفلسطينية والعرب من المفاوضات
التعليقات لم تقتصر على حماس وأمريكا، بل تطرقت إلى موقف السلطة الفلسطينية والدول العربية من هذه المفاوضات:
- هناك انتقادات شديدة للسلطة الفلسطينية واتهامها بالتخاذل، مقارنة بحماس التي فرضت نفسها على المشهد الدولي:
“طيب شو بقول رام الله الإخباري اللي مش قادر ينطق اسم حماس؟“
- هناك إشارات إلى أن المفاوضات تمثل “صفعة” للسلطة الفلسطينية، لأن أمريكا تعاملت مع حماس كطرف شرعي بينما تهمّش دور السلطة:
“صفعة في وجه عباس أولًا.”
- البعض يرى أن العرب الذين يصفون حماس بالإرهاب كان يجب أن يسبقوا أمريكا إلى الحوار معها:
“ليش ما يقعدوا معها ويحتضنوها؟ هم أولى من أمريكا!”
- انتقادات لحماس
وُجهت انتقادات إلى حماس بسبب موافقتها على الحوار مع واشنطن، حيث رأى منتقدوها أن ذلك يمثل تنازلًا عن موقفها الرافض سابقًا لأي تواصل مع الولايات المتحدة الداعمة للاحتلال. كما برزت تعليقات من أنصار حركة فتح والسلطة الفلسطينية، لافتين إلى تناقض موقف حماس، إذ كانت تعارض سابقًا لقاءات السلطة مع المسؤولين الأمريكيين، خصوصًا في عهد الرئيس بايدن.
“حماس كانت ترفض سابقًا أي تواصل مع أمريكا، والآن تجلس مع المسؤولين الأمريكيين وكأنهم أصدقاء، هذا تنازل عن مواقفها السابقة!”
“يبدو أن حماس الآن تُجري محادثات مع أمريكا لتحقيق مكاسب سياسية على حساب القضية الفلسطينية، لكن هذا قد يضر بمصداقيتها في الشارع الفلسطيني.”
يتضح أن المفاوضات المباشرة بين حركة حماس والإدارة الأمريكية أثارت جدلًا واسعًا في الشارع الفلسطيني، حيث انقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض. رأى البعض في اللقاء انتصارًا سياسيًا يعكس اعترافًا أمريكيًا غير مباشر بوزن المقاومة الفلسطينية، بينما اعتبره آخرون خطوة محفوفة بالمخاطر ضمن مخطط أمريكي-إسرائيلي يهدف إلى احتواء القضية الفلسطينية والالتفاف على حقوق الشعب الفلسطيني.
يأتي هذا في ظل تهديدات ترامب بتهجير الفلسطينيين ومطالبته حماس بالاستسلام، ما زاد من الشكوك حول دوافع اللقاء واحتمالات أن يكون جزءًا من خطة أمريكية لفرض حلول مجحفة بحق الفلسطينيين. انعكس ذلك في تعليقات ساخرة على تصريحات ترامب، حيث اعتبر البعض أن تهديداته لا تتعدى كونها محاولات يائسة للضغط، بينما رأى آخرون أن صمود المقاومة جعلها الطرف الأقوى في معادلة الصراع، خاصة بعد أحداث السابع من أكتوبر وما تبعها من مواجهات.
من ناحية أخرى، هناك إجماع واسع على أن الولايات المتحدة ليست وسيطًا نزيهًا في أي مفاوضات تتعلق بالقضية الفلسطينية، إذ ينظر إليها على أنها منحازة بالكامل إلى المصالح الإسرائيلية. معظم التعليقات أكدت على أهمية المقاومة كخيار استراتيجي، مشيرةً إلى أن أي مفاوضات يجب أن تستند إلى قوة المقاومة وشرعيتها، وليس إلى تقديم التنازلات أو الرضوخ للإملاءات الأمريكية والإسرائيلية.
وعلى الرغم من حالة الشك والانتقادات الواسعة، إلا أن بعض التعليقات حملت قدرًا من التفاؤل، مؤكدةً أن الشعب الفلسطيني قادر على فرض إرادته في النهاية، وأن المستقبل يحمل في طياته فرصًا جديدة لتحقيق تطلعاته الوطنية.
الاستنتاجات
تعكس التعليقات مزيجًا من الغضب، والتحدي، والسخرية، وعدم الثقة بأي عملية تفاوض مع الولايات المتحدة. هناك ميل واضح لاعتبار أن القوة وحدها هي التي تفرض الاعتراف والاحترام، وليس المسار التفاوضي التقليدي. من أبرز الاستنتاجات:
- هناك انقسام بين من يرى المفاوضات اعترافًا بحماس، وبين من يعتقد أنها مجرد فخ أمريكي.
- البعض يرى أنها انتصار لحماس ودليل على قوتها وهناك اهتمام بتأثير المفاوضات على الموقف الدولي من حماس.
- الإشادة بالمقاومة مقابل التهكم على السلطة الفلسطينية، مما يعكس تحولًا في المزاج الشعبي من المفاوضات.
- غياب الثقة في ترامب وأمريكا، حيث ينظر إليهم كأطراف مخادعة.
- السخرية من أي حديث عن نجاح المفاوضات، واعتبارها مجرد سراب.
- ارتفاع الخطاب الديني والدعوات على أمريكا، مما يعكس الغضب الشعبي والاحتقان.
- انتقاد العرب والصامتين عن دعم غزة، واعتبارهم خونة أو متخاذلين.
- التحدي والرفض لأي تهديدات أمريكية، والتأكيد على أن المقاومة ستبقى قوية.
الخاتمة
في ضوء هذه التوجهات والانقسامات داخل الشارع الفلسطيني، يمكن القول إن الموقف من المفاوضات بين حماس والإدارة الأمريكية يعكس تفاعلًا معقدًا بين العوامل السياسية والتاريخية والعاطفية. فرغم أن بعض الأصوات ترى في هذا التطور اختراقًا سياسيًا يعزز مكانة المقاومة، إلا أن القلق العام يظل قائمًا حول النوايا الأمريكية واحتمالية أن تكون هذه الخطوة جزءًا من استراتيجية احتواء بدلاً من اعتراف فعلي بحقوق الفلسطينيين. كما أن التجارب السابقة مع الإدارات الأمريكية المختلفة عززت الشعور بعدم الثقة في دورها كوسيط عادل، وهو ما انعكس في تعليقات تشكك في جدوى أي حوار مع واشنطن.
في المقابل، يعكس المزاج العام توجهًا نحو تعزيز خيار المقاومة كقوة فرض أمر واقع، معتبرًا أن الصمود والمواجهة هما السبيل الأنجع لتحقيق المطالب الوطنية. وعلى الرغم من الانتقادات والشكوك، هناك تفاؤل بين بعض الفئات بأن الشعب الفلسطيني يمتلك القدرة على فرض إرادته وإفشال أي مخططات تهدف إلى تصفية قضيته. وفي ظل استمرار التحديات، يبقى السؤال الأهم: هل يمكن أن تفتح هذه المفاوضات مسارًا جديدًا لتحقيق الحقوق الفلسطينية، أم أنها مجرد محطة أخرى في تاريخ طويل من المناورات السياسية؟


