قراءة في اهتمامات الجمهور الفلسطيني عبر المنصات الرقمية 18-04-2025

إعداد: مركز مقاربة للدراسات الإعلامية والاستشارية

لتحميل التقرير هنا

مقدمة

في ظل التعقيدات المتزايدة التي يشهدها الواقع الفلسطيني، تتكشف من خلال تفاعلات الجمهور على المنصات الرقمية والمجتمعية ملامح بارزة لاهتمامات الناس وطرق تعبيرهم عن انشغالاتهم اليومية والوطنية؛ فلم تعد هذه التفاعلات محصورة في الأطر التقليدية للخطاب السياسي أو الاجتماعي، بل باتت تعكس مزاجًا عامًا متقاطعًا بين الأبعاد العاطفية والاقتصادية والحقوقية، في بيئة غير مستقرة.

يحاول هذا التقرير رصد وتحليل توجهات الجمهور الفلسطيني من خلال التفاعل مع قضايا متنوعة في محافظات الضفة الغربية، واستكشاف الدلالات الاجتماعية والسياسية المتضمنة في هذه الاهتمامات، بما يسلط الضوء على طبيعة الوعي الجمعي وآلياته في التعبير والرفض والمطالبة، وعلى التحولات الجارية في البنية الثقافية والمجتمعية في السياق الفلسطيني الراهن.

 

قضايا اهتمامات الجمهور

تُظهر تفاعلات الجمهور الفلسطيني في مختلف المحافظات تقاطعًا لافتًا في الاهتمام بعدد من القضايا. ويمكن تصنيف هذه القضايا في أبعاد مختلفة أبرزها:

القضايا الاجتماعية

شكلت النسبة الأكبر من التفاعل، وتنوعت بين موضوعات العزاء ونعي الأموات ومنها: وفاة الطفل أحمد الشدفان (وحيد والديه) التي أثارت تعاطفًا واسعًا ، ووفاة المهندس منتصر ناجح، وخليل عواودة، وكمال صبحي الذين  نُعوا في أكثر من محافظة بسبب تأثيرهم المجتمعي، فضلا عن وفاة السيدة كاملة دويكات، وصالح بدير. إضافة إلى مقطع والدة الشهيد مالك حطاب وهي ترثيه بحرقة والذي  لاقى تفاعلًا واسعًا. فضلا عن التفاعل مع الحالات الإنسانية (مرضى، أسر فقيرة، مواقف بطولية فردية مثل التعاطف مع حالات أطفال ناجين أو متضررين كمحمد خمايسة الذي هاجمه كلب مسعور.

غالبًا ما تتقاطع هذه القضايا مع نقد خفي للظروف السياسية والاقتصادية دون الخوض المباشر في الجدل السياسي.

 

القضايا الأمنية

أما القضايا الأمنية فبرز فيها حملة الشرطة على المركبات غير القانونية التي  أثارت اهتمامًا وتفاعلًا في مختلف المحافظات، فضلا عن واقعة السطو على بنك في ترقوميا.

تعكس حملات الشرطة الأمنية حالة قلق شعبي من الفلتان وغياب التنظيم لا سيما مع انتشار الفلتان والسرقات، وسط شكاوى من الفلتان الأمني وانتشار السلاح في المشكلات العائلية.

القضايا الاقتصادية

برزت القضايا الاقتصادية في موضوعات مثل:  ارتفاع الأسعار (الذهب، الدولار، المحروقات)، و الشكوى من البطالة والركود التجاري، والغضب من تفاوت الدخل والفجوة الطبقية والتذمّر من نمط الاستهلاك الفاخر وسط الأزمة التي تعصف بالمجتمع لا سيما حرب الإبادة، وقد جاء ذلك في سياق الغضب من افتتاح آيكون مول  في رام الله. كما سجل تفاعلا مع تصريح وزير الاقتصاد حول استقرار السوق والتي  ووجهت بانتقادات وسخرية، ما يدل على ضعف الثقة في السلطة الرسمية كمصدر للحلول.

القضايا الحقوقية

لاقت قضية الأسير المحرر  أحمد مناصرة  تفاعلًا واسعًا في جميع المحافظات باعتبارها قضية رمزية لمعاناة الأطفال تحت الاحتلال، كما حظيت حادثة تعذيب الأسير مصعب قطاوي بتفاعل الناس، وبوتيرة أقل سجل تفاعل مع اعتقال العمال في سياق المعاناة للحصول على لقمة العيش.

 

 

 

فنية

أما القضايا الفنية فقد جاءت في سياق قضايا أخرى متقاطعة معها مثل انتقاد الحفلات والمهرجانات خلال الحرب كما في افتتاح آيكون مول، وقد سجل نقاش حول المغنيين والمغنيات المشاركين في الحفل .

دلالات تحليلية

في سياق قراءة توجهات الناس وتفاعلها مع الموضوعات المختلفة ،يلاحظ أنه بات يتم التعبير عن الهمّ العام بواسطة القصة الفردية، أي أن الناس باتوا يلتفون حول مأساة شخصية لأنها تمثلهم جميعًا، في ظل غياب خطاب سياسي موحد أو جامع.

كما ثمة انزياح في بوصلة التفاعل الشعبي من التحشيد السياسي المباشر إلى التعبير العاطفي-الرقمي، حيث تتخذ التعليقات طابعًا وجدانيًا، وساخرًا، أو نقديًا رمزيًا، وهناك حضور لوعي طبقي بدأ يطفو من خلال بعض المظاهر كافتتاح المول، ووجود طبقات لم تتأثر بمجريات الحرب يتجلى ذلك في مظاهر البذخ والمناسبات، ما يفتح الباب على أمور كانت مغيبة عن الوعي المجتمعي، ويزيد من الفجوة بين الناس والنخبة السياسية والاقتصادية ويعزز من أزمات فقدان الثقة.

 

السمات العامة لاهتمامات الجمهور

  1. الطابع التشاركي العاطفي والوجداني

برزت القضايا المتعلقة بالتعازي والوفيات كقاسم مشترك واسع بين المحافظات، ما يشير إلى بنية مجتمعية لا تزال تعتمد على قيم التكافل الاجتماعي و”النكبة اليومية” كحالة شعورية.

كما يعكس تعاطف الجمهور مع أطفال ضحايا الاحتلال والحوادث (مثل أحمد مناصرة والطفل المصاب بهجوم الكلب) أولوية “البراءة والضعف” كرمزية للمظلومية الفلسطينية.

  1. تقاطع القضايا العامة مع السياق السياسي

أثارت قضايا مثل افتتاح “آيكون مول” وسط الحرب على غزة أسئلة أخلاقية وسياسية حول التوقيت والوعي الطبقي والتمثيل الرمزي للواقع. وتكشف هذه القضية انقسامًا طبقيًا وقيميًا داخل المجتمع الفلسطيني.

كما كشف التفاعل مع تصريحات الحكومة أو المسؤولين (مثل تصريح وزير الاقتصاد) عن فجوة بين الخطاب الرسمي والرؤية الشعبية، وغالبًا ما تم تحميل هذه التصريحات طابعًا ساخرًا يعكس الاحتقان الاجتماعي.

  1. الوعي المحلي مقابل الهمّ الوطني

إن بعض المحافظات كانت متمركزة حول قضايا محلية خدمية ومعيشية، وحملات شرطة المرور، وتنظيم الأسواق، مما يدل على أن الهمّ اليومي لا يزال يحتل مساحة مهمة من تفكير الناس. في المقابل، بقيت القضايا الوطنية مثل الأسرى، وغزة حاضرة كهمّ جامع، لكنها غالبًا ما تقترن بمداخل وجدانية أو حقوقية أكثر من التنظيم السياسي.

 

الاهتمامات السياسية

تكشف الاهتمامات السياسية في المحافظات الفلسطينية عن تفاعل الجمهور مع الأحداث الجارية بمستويات متباينة من الحدة والوعي. وفيما يلي الموضوعات ذات الاهتمام المشترك بين المحافظات:

  1. العدوان على غزة كمركز للاهتمام السياسي الفلسطيني: فغزة تظهر باعتبارها “المركز الرمزي للمعاناة الوطنية”، حيث تكرّرت الإشارات إلى المجازر، والمجاعة، والاستهداف العنيف للمدنيين، خاصة الأطفال. وهذا الحدث يتجاوز الجغرافيا ليشكل رابطًا عاطفيًا وسياسيًا بين الضفة وغزة، ويعيد تشكيل الوعي الجمعي الفلسطيني حول “العدو”، و”الخذلان الدولي”، و”واجب التضامن”.
  2. الأسرى: يحضرون بقوة كقضية وجدانية وسياسية مركزية في حالات محددة وليس على عمومها لا سيما المرتبطة منها في تعذيب، أو إذلال، أو احتجاز الجثامين.
  3. فقدان الثقة بالوساطات الدولية والعربية: يشير تكرار التشكيك في الدور الأمريكي، والمصري، والأردني إلى أزمة عميقة في الثقة بين الشارع الفلسطيني وهذه الأطراف، حيث تُعتبر غالبًا أدوات لـ”ضبط” الغضب الفلسطيني، لا لحمايته أو تمثيله.
  • الاعتداءات اليومية من الاحتلال من خلال الحواجز، والمداهمات، حيث تشكل هما يوميا عابرا للمحافظات.
  • اعتقال خلية تصنّع الصواريخ في الأردن، حيث عبّر الناس عن استيائهم من تقارب النظام الأردني والسلطة الفلسطينية في كبح المقاومة وتكميم الأفواه.

 

دلالات التوجهات الشعبية السياسية

  1. طغيان الطابع الوجداني العالي من خلال تكرار مفردات مثل “الدعاء”، “العدالة الإلهية”، “الخذلان”، “الاستنكار”، ما يدل على أن التفاعل الشعبي مع السياسة ليس مجرد تفاعل عقلاني مع الوقائع، بل وجداني عاطفي ينبع من الإحساس المستمر بالظلم والعجز.
  2. النزعة التشكيكية المتزايدة في السياسيين، والتشكيك في التصريحات الرسمية (سواء من السلطة أو الدول الوسيطة) ما يعكس أزمة شرعية سياسية معمقة، ليس فقط تجاه الاحتلال، بل أيضًا تجاه أدوات النظام السياسي الفلسطيني والعربي.
  3. مركزية المقاومة حيث تتكرر الإشارات إلى المقاومة المسلحة كمصدر للفخر والاعتزاز، في مقابل فقدان الثقة بالمسارات الدبلوماسية، ما يعكس انزياحًا واضحًا في وجدان الجمهور نحو نموذج “المقاومة” كبديل وحيد مجدٍ.
  4. أزمة التمثيل السياسي وتراجع الدور الرسمي، قلّما ذُكر دور السلطة الفلسطينية أو قياداتها في مجمل التفاعلات، وإن ذُكرت، فبصورة سلبية (صمت، تقارب مع أنظمة قمعية، تواطؤ)، ما يعكس فجوة متزايدة بين “الواقع السياسي” و”التمثيل السياسي”.

 

 

ضعف التفاعل

بعض الموضوعات سُجل فيها ضعف تفاعل مشترك بين المحافظات الفلسطينية، رغم أهميتها الوطنية أو الإنسانية. من أبرز هذه الموضوعات:

  1. الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية المتكررة لا سيما ما هو خارج المحافظة، ومنها الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى خاصة خلال الأعياد اليهودية، واستمرار العدوان على مخيمات جنين وطولكرم، فضلا عن الاعتداءات على الحرم الإبراهيمي ومنع تسليمه للفلسطينيين.
  2. الحرب على قطاع غزة  وما فيها من كوارث صحية ومجاعة ومنع وصول المساعدات للناس، سجل تراجعا في التفاعل معها نظرا للأحداث المحلية التي تشغل الناس في كل محافظة والتي تنعكس على زيادة الاهتمام بها على حساب قضايا أخرى خارجها، فضلا عن أن التفاعل مع واقع غزة باتت يعتمد على التفاعل مع حدث أو قصة إنسانية تعيد الوعي والاهتمام للرأي العام. (لا تعكس هذه النقطة انعدام التفاعل بل تراجعه)
  3. الاعتقالات والانتهاكات اليومية في الضفة، حيث إن استمرار الاعتقالات اليومية في الضفة، وهدم البيوت تراجع التفاعل معها بل وصل درجة فقدان التفاعل مع الأحداث خارج المنطقة الجغرافية.
  4. قضايا منوعة وتصرحات إعلامية ومنها تصريحات رئيس الوزراء الفلسطيني حول الصمود، والحديث عن صفقة تبادل أسرى محتملة وتوجه الفصائل إلى القاهرة وبدء التوقيت الصيفي في الضفة.

 

أسباب ضعف التفاعل:

  1. اللامبالاة الناتجة عن الاعتياد، فالقضايا التي تتكرر بشكل يومي، مثل اقتحامات المسجد الأقصى أو الاعتقالات في الضفة الغربية، أصبحت مألوفة إلى حد خلق نوع من البلادة الوجدانية لدى الجمهور، حيث لم تعد تثير التفاعل كما كانت سابقًا. هذا التراجع في التفاعل يعود إلى ما يُعرف بـ”تطبيع القهر”، حيث يُهضم الظلم كجزء من الحياة اليومية، ما يؤدي إلى لا مبالاة جماعية تتغذى على طول الأمد وزمنية القهر.
  2. الانقسام الجغرافي والوجداني: يميل الجمهور الفلسطيني للتفاعل بدرجة أكبر مع القضايا التي تخص مناطقهم أو بيئاتهم المباشرة، في حين يُظهر برودًا تجاه القضايا “البعيدة مكانيًا”، ما يعكس كيف تم إشغال كل محافظة بهمومها لتغييب الهوية الجمعية لحساب هويات مناطقية، ما يضمن تغييب التضامن الوطني العام.
  3. الإشباع الإعلامي والإنهاك النفسي: التغطية المتكررة والمكثفة لمشاهد القصف والدمار والمجازر، دون وجود تطور فعلي أو أفق لحل، تؤدي إلى نوع من الشلل العاطفي لدى الجمهور، ويولّد هذا الإشباع المفرط إنهاكًا نفسيًا جماعيًا يجعل الناس تميل للانسحاب بدلًا من التفاعل، حيث لم تعد الصور الصادمة تحرّك المشاعر كما كانت تفعل في السابق، نتيجة التكرار دون جدوى.
  4. غياب التأطير السياسي والشعبي للقضايا: القضايا التي لا يتم تبنّيها بشكل صريح من قبل فصائل سياسية أو جهات شعبية، ولا يتم تأطيرها كأولويات وطنية، تفشل غالبًا في جذب انتباه الجمهور. التفاعل الجماهيري يحتاج إلى من يقوده ويصوغ خطابه ويوجهه، وفي غياب هذا التأطير تبقى القضايا المتعددة، مهما كانت عادلة أو مؤلمة، في دائرة التهميش الإعلامي والجماهيري.
  5. التفاوت الطبقي والمناطقي في أولويات الاهتمام: التفاعل مع القضايا مرتبط أيضًا بالخلفية الاجتماعية والاقتصادية للناس، حيث تميل الفئات الميسورة أو المنخرطة في الحياة الاستهلاكية للتفاعل مع القضايا التي تمس أنماط حياتها، بينما تغيب عنها التحديات اليومية التي تعيشها الفئات الأخرى.

 

وعليه ينبغي على الإعلام الفلسطيني لمعالجة ضعف التفاعل الجماهيري مع بعض القضايا، وجعل حضوره أكثر تأثيرًا وعدالة وامتدادًا:

  1. إعادة تأطير القضايا “المألوفة” بلغة جديدة: بدل تكرار التغطيات النمطية، وعلى الإعلام أن يجد زوايا إنسانية وتجريبية جديدة تُعيد إحياء الاهتمام بالقضايا المزمنة، من خلال القصص الفردية، والتوثيق البصري العميق، أو المقاربات التحليلية التي تكشف الأبعاد الخفية، ما يساعد على كسر “الاعتياد العاطفي”.
  2. تعزيز الهوية الجمعية عبر الربط بين المناطق بأن يسعى الإعلام لكسر الحواجز المناطقية من خلال تغطيات تُظهر الترابط ويمكن تحقيقه عبر تسليط الضوء على المصير المشترك، والخلفيات المتشابهة، والرموز العابرة للمناطق، ومؤامرات الاحتلال في إشغالهم بهمومهم المحلية للتفرد بكل منطقة على حدا.
  3. مراعاة الإرهاق النفسي من الصور الصادمة: لا يكفي عرض المآسي فقط، بل من المهم تنويع الخطاب ليشمل سرديات الصمود، والقصص الإيجابية، والمبادرات الذاتية، ما يُبقي الجمهور متصلًا دون إنهاكه أو دفعه نحو الانسحاب. يجب اعتماد توازن مدروس بين الصدمة والإلهام.
  4. فتح المجال للفاعلين المحليين ودعم المبادرات: التفاعل الجماهيري يتعزز حين يرى الناس أنفسهم ومجتمعاتهم ممثلة في الإعلام. لذا، من المفيد تسليط الضوء على المبادرات الشعبية، والتقارير التي تأتي من البلدات والقرى والهامش، وليس فقط من النخب ومراكز المدن، ما يعيد الاعتبار لعدالة التغطية.
  5. تبنّي حملات إعلامية موجّهة ومؤطرة: من الضروري الخروج من منطق الخبر العابر إلى الحملات المركزة التي تتبنى قضية واحدة وتغطيها من زوايا متعددة (حقوقية، واقتصادية، ووجدانية)، وتمنح الجمهور وسائل للمشاركة والتعبير، ما يعزز من التفاعل ويمنحه طابعًا جماعيًا منظمًا.
  6. مواجهة الفوضى المعلوماتية بتقديم سردية موثوقة وشاملة: على الإعلام أن يلعب دور “مُنقّح المعنى”، لا مجرد ناقل خبر، من خلال توضيح الخلفيات، والتحقق من الحقائق، وربط الأحداث بسياقاتها السياسية والاجتماعية. الجمهور يحتاج لمن يساعده على الفهم، لا مجرد من يخبره بما حدث.

 

الخاتمة

يُظهر تحليل اهتمامات الجمهور الفلسطيني في مختلف المحافظات تنوعًا لافتًا في القضايا المتداولة، حيث تصدّرت القضايا الاجتماعية والوجدانية مشهد التفاعل العام، متبوعة بالقضايا الأمنية والاقتصادية والحقوقية. وقد تجلّت مركزية المشاعر الجمعية عبر التفاعل مع قصص فردية مؤثرة، ما يعكس غياب خطاب سياسي جامع وتراجع الثقة بالمؤسسات الرسمية.

كما برزت مفارقة بين التفاعل مع القضايا الوطنية الكبرى مثل غزة والأسرى، وبين الانشغال بالقضايا المحلية واليومية، ما يشير إلى تصاعد الحس الفردي والمناطقي في ظل ظروف معيشية ضاغطة. ومن جهة أخرى، عكس الجدل حول القضايا الطبقية (مثل افتتاح “آيكون مول”) وارتفاع الأسعار تنامي الوعي الاجتماعي والطبقي، وتوسّع الفجوة بين الجمهور والنخب السياسية والاقتصادية.

سياسيًا، يطغى الطابع العاطفي والتشكيكي على تفاعل الجمهور، مع تصاعد رمزية المقاومة وتراجع تمثيل السلطة، ما يدل على أزمة شرعية متفاقمة وميل متزايد نحو التعبير الوجداني كأداة مقاومة ورمز للهوية الجماعية.

بالمجمل، يعكس هذا المشهد المزاج العام الفلسطيني في مرحلة مليئة بالتحولات، حيث بات التعبير الرقمي والعاطفي يحمل دلالات سياسية واجتماعية لا تقل أهمية عن الأدوات التقليدية في قراءة الرأي العام.

  • اعتمدت القراءة على رصد اهتمامات الجمهور عبر المنصات الرقمية خلال أسبوع كامل، في عدد من المحافظات الفلسطينية كعينة وهي: نابلس ورام الله والقدس والخليل وسلفيت وطولكرم وجنين، بحيث تمثل محافظات من الوسط والشمال والجنوب، كما اعتمدت على متابعة ورصد يومي لاهتمامات الناس وتفاعلاتهم .